U3F1ZWV6ZTE4OTE5ODMyNDAxMDQ5X0ZyZWUxMTkzNjI2NjI5MjY0OQ==

مــوت أم .. بقلم الكاتبة دالـيا



...نعم لقد فقدتني للأبد ، ولم تكن الحرب وحدها التي قتلتنا ذلك الوقت ولا عدم اهتمام الحكومة ببلدتنا، كان للطبيعة صوت آخر بعد صمتها الطويل ، فتلبدت السماء بسحب داكنة، وعم الظلام أنحاء قريتي، إلا من نجيمات تلمع وتخبو هنا وهنالك ..
لا صوت سوى صوت صك أسنانا وأنفاسنا المتزاحمة في غرفة المعيشة و صوت الريح وهي تعصف بقوة، الرعد يزمجر بشدة، وتضربنا بين الحين والآخر سياط من بروق، كانت أمي هي مركز الدائرة وأنا وإخوتي مجرد أقطار تتصل بهذا المركز، لم يكن هذا بدافع البحث عن الأمان، بل لضيق غرفتنا التي بالكاد تتسع لنا، كان يتيح لي في هذة الجلسة تحسس قدم أمي المششقة، المتعبة من الجري خلف الحيوانات التي أورثها لنا أبي، يسمح لنا الرعد بسماع صوت الحيوانات التي تقطن ببيت من قش ويحجبه عنا تارة، ماذا لو فقدنا آخر ما نملكه من قطيع؟!، أكثر ما كان يقلقني سؤال آخر تبادر في ذهني هل ستضرم أمي النار علينا كما فعلت إحدى نساء الحي بعد حرب طويلة مع الجوع؟!   
 في صبيحة اليوم التالي استيقظنا على مناد ينادي للرحيل لنجد أن المطر توقف، وأصيب الجميع بأضرار بالغة، رغم أنني هنا بعد مضي عشرة سنوات بأمان إلا أنه ما زال تلبد السماء يذكرني بتبلد روحي، ما زال قلبي يرجف من صوت ارتطام امي على الأرض، تاركة يدي للآن تلوح في الفراغ للأبد، مسمرة نظراتها على أخي الكبير الذي يتقدمنا، رابطة جثة أخي الصغير على خصرها.  


   
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة