- ترميم الأرواح...
من الصَّعب جداً ترميم رُوحك من ضَنك الهموم وأوزار الذنوب، لتُولد بنفس منشرحة بعد تَراكمات مُضْنِية أضناها التعب والوجَل، فكيف بترميم أرواح آخرى؟!
تلك الأرواح التي وكأنها انبَثَقتْ من روحك لشدة تجانسها ووِفاقها معك في مختلِف الأمور.
تلك الروح التي ستُقَدِمُها على روحك، وإيثارها عليك، فهذه مرحلة الإخلاص المُطلق، قلَّمَا نجدها عند الكثيرين ليس على إطلاقه، لكن هذا البَذل يحتاج خبرة في دراسة الأرواح، وكيفية التَّعمق بها، ومعرفة وارِداتها وشَواردها؛ التي سَتُأَهِّلُك الغَوص في مَكْنُونات دواخلها لمرحلة المؤساة والمؤانسة فالترميم.
برغم ما يَعتري النفس إلا أن هناك أرواح مِعطاءة، تجود وتمنح رغم نقصان أسباب سعادتها لا لشيء سوى أنها تبْتغِي الأجر، وذلك ما يجعلها مُخلصة العطاء لابتغاء الجزاء، فأن تنْقش بسمة على مُحيَّا ملامح شاحبة ليس سهلاً، أن تمسح دمعة غائرة اخترقت ملامح متعبة، أن تُمسِّد عليها تماسيد العطف والحنان، أن تَغور بروحك إلى مستنقعات آلامهم، فتنشلهم منها وتنفث في أرواحهم شهيق الأمل ليخرج ذاك الزفير المُلتهب الذي نَهَش من أجسادهم وعظامهم حتى أذَابها فلم تَتَضِح الملامح، كأنهم تَنَكروا من أرواحهم، فما عادت تعرِفهم ولا يَعرفونها، أن تُمْعِن في الاصغاء لهم، أن تُوليهم أكبر الأهمية، تمدَّ يدك له فتعض على يده بشدة وتتابع السير معاً في كل طريق، فهذا أمر لا يسهل على أيّ أحدهم، فهو يحتاج عظيم سخاء وكريم عطاء.
فتَرميم النَّفوس من كبائر الأمور، مع ذلك كله يَهون، فهذه هي الحياة ونحن خُلقنا لا لتلك الراحة، وإنما للكَد والعمل بُغية الوصول لنعيم الراحة الدائم.
جَرِّب أنْ تَكون مِعطاءاً لأرواحِ الآخرين حتَّى تَظن أنك نَسيت نفسك، عندها ستَشعر بأن روحك أرواحٌ بَعْضها في بعض.
بقلم : سُهــا.
إرسال تعليق