في فنِ المفاوضات(٢)
- سيتم تناول الممتنعات والممنوعات في المفاوضات بثلاث حلقات على النحو التالي:
١- لا تُظهِر عدم الاحترام، ولا تحط من شأن خصمك ولا تكن وقِحًا؛ فالمفاوضات هي علاقة احترام متبادلة بين الأطراف.
٢- لا تخن الثقة لأن خيانة الثقة سلسلة تدمر كل ما هو لاحق.
٣- تجَنَب عرَضَ(استوكهولهم) بأن تُنشِئ وضعًا نفسيًا مع الخصم أو أن تُنشِئ صداقةً معه، فهذا العامل يتأتى من علاقة التعاطف التي تنشأ بين الخاطف وضحيته، صحيح أنك لستَ خاطف وهو ليس ضحية ولكن لا يجب عليك أن تتعاطف بل أن تُظهر التعاطف دون أن تبدو مخادِعًا.
٤- أسوأ أنواع المفاوضين، الثرثارون لأنهم يفقدون السيطرة على ما يقولون، فالمفاوض الجيد هو مستمع جيد لا يستعجل الكلام ويتداخل مع من يفاوضه بين الحين والآخر للاستفسار لجعله يتكلم أكثر.
٥- لا تثق بالطرف الآخر ولكن اطلب منه دائما أن يجعلك تثق به.
٦- قلّل من توقعات خصمك لتزيد فرصك بالحصول على عرض أفضل وأشعره بانشغالك عما يعرضه بتفاصيل عرضه بحيث تفكك عرضه من خلال التفاصيل.
٧- تجنب الصراعات التي تأخذ جانبًا ذاتيًا فهي لن تسمح لك ولا للآخر تقديم أي شيء، لأن الأمر سيغدو متصلًا بالشخص وهذا لا يتم التفاوض عليه ومعه.
٨- المفاوضات فعلٌ بشري، فتجنب تغليب الانفعالات على المنطق، لأن الانفعال يجرّ إلى أللاعقلانية.
٩- تناقش بفعّالية وبدون عِداء واقترح دائمًا البدائل وابحث عن السبب الذي يكمن وراء عِداء الآخر وحاول تبديده، فالإحباط قد يكون لعجزه عن التغلب على الخلاف فاعرض عليه حلًا بديلًا، وحاول توجيه دفة النقاش إلى الأمور الأقل توترًا، وحاول أن تضع وجهًا إيجابيًا للخلافات أهمها أن الاختلاف في صحة وأن التنوع مطلوب لأنه فعل إنساني، وأن هذا أدعى للوصول إلى مقاسمة بين كليكما وليس أن يفرض عليك إرادته، وأضف مسحة من المرح إذا واتتك الفرصة لتلطيف الأجواء، وإذا بالغ الطرف الآخر بالعداء فمن المناسب القول له: إن اتفاقًا مُرضِيًا لكلينا، والأهم لك، سيكون ممكنًا إذا حافظنا على هدوئنا.
١٠- تعلم الرد على تكتيكات الطرف الآخر النفسية:
الرد على التخويف بالتجاهل، وعلى المماطلة بحصره في زاوية الإجابة بنعم أو لا، وعلى وضع المواعيد القاتلة والنهائية بتجاهلها فهي تهدف فقط لحشرك للاستجابة السريعة وللرد على الإنذارات بفض المفاوضات بجملة إذًا القرار قرارك بهذا، ونتائجه أنت مسؤول عنها، والرد على التهديدات بتحدِيها بلهجة الواثق وليس المتغطرِس.
١١- إذا أخَذَت المفاوضات هيئة صراع ذاتي وتفَلتَت منك فمن الحكمة أن تدعو إلى وقفة أو استراحة للتغلب على العِداء المتصاعد وتهدئة الأجواء، كما أن إيقاف الجلسات إلى حينٍ له ميزة ثانوية وهي منحَكَ راحة ذهنية، وهنا يمكنك في إحدى مهارات التوقف أن تطلب من أطراف خارجية ممارسة الضغوط على الطرف الآخر تحت ذريعة الخشية من وقف المفاوضات نهائيًا.
١٢- للوقاية -وهي أفضل علاج من التورط في صراعات ذاتية- هيئ نفسك للتركيز فقط على ما يتم التفاوض عليه وتجنب المواجهة مع شخصية المفاوض فهو مجرد وسيلة توصل إلى غاية.
١٣- إذا كان لا بُد من مواجهة فرد مفاوض له ذات متضخمة فحاول أن تنفُخَ في تلك الذات ولا تعتبر الأمر شخصيًا لأن التنازل العاطفي الذي تقدمه هنا يعود عليك من قِبَلِهِ بتنازلات مادية أي تنازلات تخص موضوع المفاوضات نفسه فأنتَ لستَ على عِراكٍ معه، املأ له شخصيته والتف عليها لتأخذ ما تريد.
١٤- في الحالات المتطرفة التي يحدث فيها صدام بين المتفاوضين فقد يكون الحل الوحيد هو تغيير أحدهما أو كليهما وليكن هذا آخر الدواء لأنه قد يطيل المفاوضات، فأسوأ أنواع المفاوضات تلك الطويلة، وذلك لحاجة المفاوضين الجدد لمراجعة ما فات عليهم، وإذا كان لا بد من استبدال أحد الأطراف فليكن بالتوافق مع أن يكون ذلك من الطرفين وباقتراح من وسيط، وإلا سيظهر ذلك ضعفًا لديك.
١٥- لا ترتبط عاطفيًا بموضوع مفاوضاتك أي لا تحب ولا تكره فأنت ستتنازل وستأخذ.
١٦- إذا بدأت المقايضة(الأخذ والعطاء) كن مرنًا ولكن لا تعتبر أن مرحلة المقايضة قد انتهت بماقدمه الآخر، فاستمر في الاستماع وسؤال الكثير من الأسئلة وقل أشياء تُقلل من توقعات خصمك وعندما يبدأ التبادل اطلب مقابل ما ستقدمه تنازلًا مكافئًا وارفع سقف هذا التنازل.
١٧- امدح سلوك خصمك عندما يبدأ بالتنازل، فتمدح تنازله وسمّه مدخلًا مبتكرًا فأنتَ من ناحية ستعطيه انطباعًا بأنه قد قدمَ لكَ شيئًا مبتكرًا ولكنكَ ستجعله يقتنع بأنه لم يقدم إلا مدخلًا، أي محض بداية.
١٨- عندما يقع اختلاف شديد قد يَفِضُ المفاوضات، أكّد لخصمك أن عليكما معًا التطلُع إلى المستقبل بدلًا من الوقوف عند الماضي وبهذا فأنت تثير شهيته نحو الغد مما يجعله يتوق إلى ذلك الغد.
د. عماد فوزي
إرسال تعليق