U3F1ZWV6ZTE4OTE5ODMyNDAxMDQ5X0ZyZWUxMTkzNjI2NjI5MjY0OQ==

إمبراطورية غزة| مُحَمَّد مهدي


 إمبراطورية غزة


مدينةٌ عريقةٌ جدًا كتبها التاريخُ وكتبته، كانت مرتعًا ومنبتًا لكثيرٍ من الممالكِ والحضارات، ازدهرت بالعلمِ وازدهر بها،  قصدها الطالبُ والعالمُ، التاجر والسائحُ، الصالحُ والطالحُ، جبلٌ من المجدِ يتحرك، بلْ لو كان المجدُ رجلًا لغار منها، لها التاريخُ ينحني من الزمن الغابر، وازداد انحناءً في العهد الحاضر، وفي المستقبل، التاريخ كله غزة، وغزة كل التاريخ!


-ضاربةٌ في جذورِ الوجود، حلقة وصل بين ثلاث قارات عالمية، ثلاثة ألف عام وأكثر من التأسيس، شاءت لها الأقدارً منذ القدم وحتى الآن، وهي المانعة الشامخة، أن تُعاني كثيراً من الويلاتِ والهجماتِ البربرية، والاعتداءات المتكررة من قبل الطامعين والأشرار، لكونها بوابة فلسطين، وبلاد الشام الجنوبية.!


- غزة بفتح أولها وتشديد ما قبل آخرها مع الفتح، وإلحاق تاء التأنيث المُقَاوِمة،  اختلفت القواميسُ واللغات في تفسير اسمها وماهيته، فمنهم من قال: القوة والمنعة، ومنهم من قال: الثروة والعزة،  وقيل: المكسب والكنز، أما أنا فأقول: بل جمعت كل ذلك، فهي العزة والقوة والثروة والكنز!


تشتهرُ غزةً بموقعها الجغرافي المهم، حلقة وصل تجارية برية بحرية رائدة، وموقع عسكري هجومي مُحصن، تقاتل عليها العالم بشرقه وغربه، بأبيضه وأسوده، بعجمه وعربه، لكنعان السبق في تأسيسها، وقيل المعينيون هم من ساهم في ازدهارها، وكلاهما من العرب القاطنين في جنوب شبه الجزيرة العربية،  وللفراعنة فيها شأن، فهي مفتاح الشام وبوابتها من جهة الشمال الإفريقي، اتخذوها قاعدة عسكرية للهجوم عند الحرب، ومقرًا للفرعون المنتدب في بلاد الشام عند السلم.


مر التاريخُ والزمن، وكثرت المستجدات والمتغيرات،  اليونان والرومان، الإسكندر والبطالسة، الصليب والإسلام، المغول وقطز، العثمانيون والمماليك، نابليون والشام، الحرب العالمية والانتداب، الوصاية المصرية واتفاقية أوسلو، كل هذه الأحداث والمواجهات والجهات جزء صغير من تاريخ غزة الكبير.!


وليس من المنطق أن يذكر تاريخ في مقال، ولا أن تختصر بطولات في عبارات، فهي القوة إن ساد الضعف، وهي النصر إن حان الزحف، وهي الفداء إن حل الجُبن،  تاريخها شمس معنوية ساطعة لا تغيب، في كل سماء وأرض وعصر. .!


-في التاريخ المُعاصر سقطت غزة أرضًا لا روحًا في أيدي القوات البريطانية الغازية، أثناء الحرب العالمية الأولى، واصبحت جزء من الأراضي التي اُنتدبت عليها،  وانتهى الانتداب وبدأ الانسحاب بعد حرب العرب مع اليهود، عام 1948م -عام النكبة الأسود- ومابين هدنة وملحمة واتفاقية وطاولة نجت غزة بقدر الله وحكمته من وصاية الصهاينة واصبحت في معية السلطات المصرية!


وبعد أعوام وأحداث عاود الكيان الصهيوني عدوانه الغاشم على التاريخ، وسيطر على غزة في العام 1967م - في ما يُسمى بعام النكسة-  ولأن الليل  يتبعه فجر والظلم لا يدوم، وسنة الله قائمة حاكمة عادت غزة إلى أهلها في العام 1993م، وبدأت حرب الفصائل ضارية مؤلمة، فتح السلطة والحكم، وحماس النشأة والوجود، وانتصرت حركة القائد الشهيد أحمد ياسين التي أسسها ورفاقه عام 1987م، -حركة المقاومة الإسلامية الشعبية السنية حماس- بفصيلها العسكري كتائب الشهيد عزالدين القسام !


وفي العام 2006 أصبحت غزة أرضًا وشعبًا وحكمًا وسيادةً، خاضعة لحركة حماس المُقاومة، بعد حرب فصائلية  دامية،  لتبدأ هي بنفسها معركة المؤسسات في الداخل، ومعركة الاحتلال والحصار من الخارج!


تُعتبر حركة المقاومة الإسلامية حماس بفصيلها العسكري كتائب الشهيد عزالدين القسام، خطرًا وجودياَ للإحتلال الصهيوني، فالسلاح والحرب شعارها وديدنها،  والتحرر ودحر الاحتلال سبيلها ومنهاجها، روحٌ إسلامية فكرية مُعاصرة، لا تؤمن بالسلام الوهمي، ولا التنسيق الأمني، ولا تسليم شبر واحد ٍ من الأرض للغاصب المحتل!


تحترمها الشعوب العربية والإسلامية لقضيتها المقدسة- الأقصى وفلسطين- ويكرهها البعض لخلفيتها الفكرية البنائية، المنبثقة والمستوردة من إخوان مصر، في آواخر القرن الماضي!


تؤمن بالحرب سبيلًا للحياة والاستقلال، تؤمن بالقدس عاصمة لفلسطين، وترى أن التحرير أمر قرآني حقاني حتمي لا جدال فيه.!


يقول القائد الزهار في خطاب مهرجاني:

«إن حركة حماس تؤمن أن تحرير فلسطين حقيقة قرآنية ستتحقق قريباً، وأن تحرير القدس بات أقرب مما يتصور الاحتلال والمتواطئون معه»


-شوهت كتائبُ القسام أفكار اليهود التلمودية، وزعزعت أحلام التوسع الاستيطانية، سكين  في عنق العصابات الصهيونية، قذائفها الصاروخية ومبادئها القرآنية شكلت منها قلعة حصينة، تحطمت على جدرانها جحافل العدو العاجزة.


هي عقاب الله على المعتدين  وكاشفة الغطاء عن المنافقين، كبرياء السيف الذي لا يُقهر، ورياح الصر التي لا ترحم. 

العالم مندهشٌ منكم، النصر  نصركم يا عظماء الشأن، العالم امام الحق لا شيء، أمام الله لا شيء، امام صمودكم وتضحياتكم بالتأكيد لا شيء.!



تُبادر غزة وفصائلها المقاومة بالرد السريع والمباشر لكل تجازوت الاحتلال الصهيوني، في الداخل الفلسطيني والقدس الشريف، وكان آخرها الرد العسكري القوي، الذي استهدف عشرات المدن المحتلة بعد مناوشات وتجاوزات  من الاحتلال الصهيوني في أحياء مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.


تَعرفُ غزةُ وفصائلها العسكرية أن الردَ الصهيوني سيكون بشعًا بربريًا، على الأبرياء والمدنيين ،لكن خيار الرد والقصف هو الحلُ الوحيد لإيقاف الاعتداءات الصهيونية وإهانتها.


شاءت أقدار الله، أن تكون غزة هي خط الدفاع الأول للدين والأرض والإنسان والهوية، ضاربة أروع أمثلة في التضحية والفداء كما هو ديدنها من سابق الدهر، ومهما طال ليل الظالمين لا بد لشمس الحرية والكرامة أن تُشرق، وسيفتح الله بينهم وبين عدوهم بالحق وهو خير الفاتحين، ومباركٌ لكم الفوز والنصر!


-محمد مهدي.


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة