U3F1ZWV6ZTE4OTE5ODMyNDAxMDQ5X0ZyZWUxMTkzNjI2NjI5MjY0OQ==

ضرواة العادات كسطوة الاستبداد| منذر الخراساني

 ضراوة العادات كسطوة الاستبداد




البيئة التي يتربى عليها الأشخاص تطبعهم بخصائصها ، فتغدو ثقافة راسخة يصعب التخلي عنها ومحوها ، حيث تصبح كالعقيدة والمسلمات التي لا يجوز الخروج عليها أو تساؤل البرهان والتشكيك فيها .

إن للعادات - سواءً كانت سلبية أو إيجابية - منطقاً قسرياً، يجعل الجماعات والمجتمعات خاضعة ذليلة لها ، وقد أصابتني الدهشة المستغرِبة عندما رأيت جبروتها يغلب القيم النبيلة التي لا ينكرونها .


ذكر القرآن الكريم أن قوم لوط ضاقوا به ذرعاً ، فقرروا طرده مع أتباعه من بين أظهرهم ، لأنه يدعوهم لترك الرذيلة والتطهر من أدران الفساد الأخلاقي.


(أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون)


قرأت هذه الآية الكريمة فزال عجبي ، وقلت : من المؤكد أن البيئة النجسة تعتبر الطهارة شذوذاً ومخالفة للمستقر المعهود .  


كما أن الاستبداد والطغيان يقلب الحقائق ويزور مضامينها ، فترى المستبدين يقربون طبقة منافقة متزلفة تشير عليهم بما يرغبون وتنصحهم بما يبقي وجودهم على كراسيهم أطول فترة ممكنة ؛ يتزامن ذلك مع حركة عنف وقمع رهيبة لتدجين الشعوب واستذلالها كي ترضخ وتقبل بما يقال . 


(وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُون)

 لذلك فإن الأنبياء والفلاسفة والمصلحين يلقون العنت الكبير -من الناس- عند محاولة تغيير بعض المفاهيم ، ونقل تلك المجتمعات إلى ساحات أزكى ، ومناخات أرقى ؛ وكانت سبيلهم - وإن اختلفت وسائلهم ومنهجياتهم - متمثلة بعنصرين رئيسين هما:


1- الدعوة للحرية العقلية - القائمة على المنطق البرهاني والقيم الفطرية والروحانية - إضافة للتحرر من ربقة الأغلال المجتمعية وسجون "الأوثان المقدسة" ، ناقلين لهم إلى وديان الوعي الخصيب بذاتهم وكرامتهم واستقلالهم

2- الثورة على التقاليد السلبية مبتدئين بتطبيق مبادئ تلك التحولات التغييرية على أنفسهم وبيوتهم وأقرب المقربين لهم ، حتى يكونوا جذوة ثورة حقيقية ، ومشاعل تنوير مستمر، ودلائل تغيير دائم .


✍ منذر الخراساني

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة