U3F1ZWV6ZTE4OTE5ODMyNDAxMDQ5X0ZyZWUxMTkzNjI2NjI5MjY0OQ==

تقديس العادات| سارة محمد

تقديس العادات. 



في تفصيل موقف عايشته راوية القصة تقول واصفةً: هُناك فتاةٌ تعيش في منطقة (مُحافظة) أي مُلتزمة بالأساسيات الدّينية، من هيئةٍ ولبسٍ، ورُبما القليل من التّصرفات الظّاهرية، سبغت عليها مدينتها بسبغةِ تدينٍ باطنه أجوف، ممّا جعلها بما تبدو عليه للرائي أنها مُلتزمة بقلبٍ فُطر للدّين وحبب إليه بما يستشريه ارتضاء وقبولًا! عندما ركبت الطائرة، لتسافر لبلدٍ آخر، وقبل أن تُقلع أجنحة الطّائرة، قلعت هي معها كُل رداءٍ يواري عنها حُجبها، تخلّت عن جَناح السّتر، وتشكلت بهيئةِ البلد الذي وجّهت إليه وجهتها! 


مشهدٌ يتكرر بصروفٍ كثيرةٍ، وبمواقفَ مُتباينة، يتأمل النّاظر لحال هؤلاء مُتسائلًا: أيعقل أنَّ الدّين لديهم محكومٌ بأرضٍ دون أخرى؟ وأن الانقياد للشّرع يُطبق في بلدٍ حكمتها هذهِ العادة - عادة الالتزام تحت سطوةِ العيب - دون غيرها ؟


ومن هُنا تظهرُ هشاشة هذهِ المُعتقدات الّتي اعتنقها أصحابها، مورثينها لأبنائهم، لينقلوها بدورهم للأحفاد بمستوياتٍ أشدُّ فتكًا، وأضرمُ هتكًا (ثقافة العيب التي تتقدم على الحرام في التّوجيه والتّوعية والزجر والارشاد، ماذا سيقول الناس عنّا؟ أفعل كذا لأن فلان فعل ذلك، تجنّب أن تضحك الناس علينا، تُريد أن يقولوا أني لم أحسن تربيتك؟...) وغيرها الكثير من المُبررات الّتي يضعُ الأولياء نُصب أعينهم كلام النّاس، دونًا عن كلام ربّ النّاس، فخلفوا من بعدهم أطفالًا يُقدسون العادات، يضخمون العيب، مُتجاهلين للشّرائع والأساسيات الدينية، أشغلهم اللّٰه بالانقيادِ لإرضاء غيرهم، فأصبح حالهم في تخبّطٍ، مُرددين بكل سُخف: اللّٰه غفور رحيم، ولكن النّاس لا ترحم!


أعلم يا رعاك اللّٰه أنَّ الفساد قد تضرّم واستفحل، والشّر توجّس في النّفوس واستشرى، فإن عجزت عن النّهي آمرًا، فلا يعجزنّك الإنكار مُتكلمًا، ولتعلم أن التّنصل من الدّين، وهتك قواعده الّتي تقوم عليها الحياة لا يُنبأُ إلا بسقوطٍ لن يُخلف أثره هدمًا غيرك، لا تنجرّ خلف الماجريات، وأعقل من أمرِ دينك ما يلزمه ثباتك عليك، وتذكر دائمًا انتشار الحَرام لا يعني استباحته!


- مدونة يقظة فكر على منصة تيليجرام

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. ياسلام، أحسنتِ أستاذتنا الفاضلة سارة محمد، وبورك قلمكِ .

    ردحذف

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة