
ومع كل قفزة صناعية أو معرفية تسمعهم يقولون هنا ستنتهي البشرية، وعند هذه نهاية العالم! من عند صناعة الورق، إلى عجائب الثورة الصناعية وما أنتجته، مرورًا بالطابعة، والتي شاب الناس من القلق حيالها ما الله به عليم، وربما سمعت أن أحدهم أصدر فتوى بتحريمها!
- وهكذا مع كل اكتشافٍ أو اختراعٍ مفصلي تجدهم يوزعون الخوف يمنة ويسرة، وخاصة الأيادي العاملة والموظفين، ليدسون لهم خبرًا مفاده أن الاختراع سيقضي عليهم وأنه ما عاد لهم في العاملين من حاجة! ثم تمضي الحياة، وتبقى حاجة الإنسان لأخيه الإنسان دائمة!
- واليوم يكررون نفس الشيء مع مسألة “الذكاء الاصطناعي“ فتراهم يقولون، سيحل محل الإنسان، وسيكون بديلًا عنه، هذا إلم يقضي عليه، فيصورون لك الأمر وكأننا في نهاية المطاف، فهذا “هينتون“ كبير مطوري الذكاء الاصطناعي في شركة “جوجل“ بعد استقالته يحذر ويطلق النذير للعالم؛ بأن حان الوقت للوقوف ضد شبح “الذكاء الاصطناعي“ حفاظًا على حياة الإنسان، حيث شبه ما تَحدثه الشركات من تطوير في برامج “الذكاء الاصطناعي“ كمن يحفر قبره بيده.
وهكذا ينشرون المخاوف، ويقلقون بال الناس! بينما الحقيقة أن الحال مع “الذكاء الاصطناعي“ سيكون كما كان مع ما مضى من مخترعاتٍ واكتشافاتٍ؛ صوَّرت بأنها القاضية لحياة الناس! كـ صناعة الطابعة -كما أسلفنا- وكذلك الكهرباء والنفط الخ..، حيث يأخذ الأمر فترة زمنية بسيطة يتكيَّف فيها الإنسان على جديد المخترعات، فيطوعها لتكون لصالحه، فيطورها وتتطور حاجته لتكون أكبر، فيحتاج لغيرها لِتعينه على قضاء حوائجه اللامنتهية، وهكذا تستمر الحاجة، وتستمر الاختراعات، فليس ثمة هناك اختراعًا على وقعه ستنتهي حاجة الإنسان، وبذلك تنتهي الحياة، ولك في القنبلة النووية مثالًا آخر! فإنه قد قيل أن امتلاكها من قبل أي دولة، يعني نهاية العالم!
- خلاصة الأمر، إن هذا الإنسان بطبعه قادر على معايشة ظروف الحياة بكل تقلباتها، وقادرٌ على تطويعها لتتناسب مع حاجته وطلبه، بحيث لا تكون عبئا عليه دائمًا، فيقول ابن تَيْمِيّةِ رحمه الله (إن الله قدر حاجة الإنسان فلما كانت حاجته للهوى أكثر جعله في متناول اليد، ثم الماء ثم الطعام ثم الثياب ثم المسكن ثم الزوجة ثم المال ثم الولد.. ) فعلى قدر حاجة الناس للشيء سهل الله توفره...
- وكوننا مسلمين يقتضي علينا ألا نقلق أبدًا، فإننا على معرفة يقينية بالطريقة التي سينتهي بها العالم كما أخبر بذلك نبينا -عليه الصلاة والسلام- وهي أحداث مختلفة تمامًا عن هذه التي يلوكها الإعلام الغربي ومثقفيهم، لذلك فإنه لا يرهبنا أي اكتشاف، مهما كان وكيف كان، فهذا الكون ماضٍ على قدره، وله مدبرٌ حكيمٌ، هو المنشئ والمعيد، وعليه فإنه لن يُقدَّر لنا إلا ما يتناسب مع حالنا، وبما يتماشى مع حاجتنا، ففي كل شيءٍ حكمة ومعنى، وأن الإنسان هو المؤتمن على هذه الأرض وهي مسخرة له كما أراد الله.
#ص_ع
إرسال تعليق