في زوايا الحديث عن قضايا الفكر المعاصرة تخدعك رقة المصطلحات، ونعومة أخلاق من يروج لها وذلك لحمل السلام، والسلمية وذاك جزءًا كبيرًا من الملامح الظاهرية التي يتبناها هؤلاء، وذلك سعيًا للكسب، واحتواء لما يمتلكه الإنسان من أحاسيس، ومشاعر دافئة تستهويه في هذه الهوة العميقة.
وتأسيسًا لمعنى ما عنونته المقالة والتي هي عنوان أحد المقالات التي كُتب على ضوئها في كتاب زخرف القول (1) بضع أفكار مروجة على هذا النمط الناعم..
والتسويق لهذه الفكرة حديث الملايين، ومحطة وصل بين أعداء الإسلام والمسلمين، ولذلك يوم رُسمت الكليات والثوابت الشرعية على أنها أمورًا هامشية، يستحسن غض البصر عنها، والاستغناء عن الحديث والاهتمام بها، على أن تطفو بضع جزئيات، وتفاهات، ومساوئ لإيرادها على هامش حياة الإنسان المعاصر. ثم أصبحت كينونةً له، وأسلوب حياة ينحو نحوها، ويبذل قصار جهده من أجل أن يرنو إليها، وذلك من زخرف القول، وعمل الهوى الملبوس في أوجه مختلفة.
إذ يجب الانشغال بما هو أهم، والذي نبتغيه في جمهرة مقالاتنا، ونسعى أن نصل به لمحطة اليقظة، والوعي المتجدد، وذلك لن يتحقق إلا بإعادة مستويات التنافس، والحث نحو تأسيس منافس ورادع لرواد هذه المدارس الفكرية المعاصرة، والتي تستهوي العشرات بل الآلاف من عقول أبناء جيلنا المعاصر.
إن فكرة تأسيس الفرد المنحرف ليست بالصعبة في قاموس المنظمات والحركات المنحرفة، وتكمن خطورتها على النشء الذي يعكف على مختلف التغذيات البصرية، والسمعية ويتلذذ بكل ما يبغاه هواه وتستطيبه غرائزه.
ولذلك الامتلاء بالفكر الصحيح، والعقيدة السليمة وردع كل محاور الانحرافات والشذوذ والتأسيس لما هو أنفع يعد هامًا وخصوصا لأطفالنا، وأبنائنا، ونسائنا، وأبلغ ذلك هو تصديرهم نحو الأماكن، والمنتديات الثقافية والإسلامية وشغلهم عما هو أهم، وأن نصل بهم غزاة على هذه الأفكار قبل أن تستعمر عقولهم وتصبح محلَا لها.
والأهم من ذلك هو الاهتمام بالمركزيات الكبرى التي تؤسس الفرد المسلم، وتمنحه الاستقرار النفسي والحياتي وتجعله قادرًا على مواجهة الوقائع، والأحداث التي ستطرأ عليه وتجعله يغوص ويشرد في مهب الشبهات، والمتلوثات الأخلاقية بمختلفها.
ولن تتكامل كل تلك المركزيات إلا بالبحث عن مصادرها والسعي للوصول لكل ما يصل به لمحطة الثبات والجهاد الحق الذي يمنعه من الإنزلاق في مهبات يُروج له ويسعى له أعداء الدين لدماره وتفتيته.
إن المرحلة اليوم تتطلب تكاتفًا وحراكًا يشمل كل جوانب التوعية، والتفقه في كل أمور حياتنا والسعي للرقي بالأمة نحو أوج العلا، وألا نمضي أعمارنا نتبع كل ناعق؛ بل نعيش أعمارنا دعاة خير، وإصلاح، وأن نصبح جنودًا للخير والدعوة.
بقلم: معتز العلقمي.
إرسال تعليق