U3F1ZWV6ZTE4OTE5ODMyNDAxMDQ5X0ZyZWUxMTkzNjI2NjI5MjY0OQ==

الرحمة | إكرام خالد

 







{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}

هو رحمة مهداة، محمدٌ الإنسان عليه الصلاة والسلام تتجلى لديه الرحمة بأسمى صورها، فنجدها لديه موطنا لم يكن ذلك فقط بمواساته وعطفه،  إنما كان محيطاً بمواطنها عارفاً بمواضع حاجتها، مُدركاً لعظيم صنعها وتأثيرها، فها هو يحثّ الناس على الرحمة بأنفسهم، فقد جعل الرحمة بالنفس فوق العبادة وعمل الطاعات ، والكثير من المواقف تدل على ذلك ، منها : "خرج رسول الله ﷺ عام الفتح إلى مكة في رمضان حتى بلغ موضعاً يُدعى -كراع الغميم- فصام، وصام الناس .. ولما رأى بعض الناس قد شق عليهم الصيام بسبب وعثاء السفر دعا بقدح من الماء، فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب ..

ولما قيل له : إن بعض الناس لايزالون  صائمين ، فقال : أولئك العصاة ... !!.

وقد قال عليه الصلاة والسلام : {عليكم برخصة الله التي رخصها لكم فاقبلوها }.

وحين بلغه عن عبد الله بن العاص أنه يصوم ولا يفطر ويقوم ولا ينام قال له : {إن لجسدك عليك حق و لنفسك عليك حق ولزوجك عليك حق }.

وأي شيء بهذه العظمة ليطغى على كفة العبادة، لم يكن سوى الرحمة.

وتعالوا لنرى كيف أنه قدّم رحمة الوالدين على الجهاد فقد جاءه رجل يبايعه على الجهاد وترك أبويه يبكيان فقال له :  {ارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما} وقد قال الله سبحانه وتعالى : {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) } فالتواضع للوالدين واجب وعدم رحمتهما من العقوق.

وقد حثنا الرسول ﷺ على التراحم والتعاطف والتيسير عن الناس، و تفريج كروبهم، وكذلك  حثّ على حفظ حقوق الجار وأوصى به، فكل ذلك يقوي الروابط بين المجتمع وليسود التعاون والتعايش فهذا من أساسيات بناء مجتمع قوي  فقد أرسلنا الله نخفف عن بعضنا ولنتكاتف و دون ذلك ينهد المجتمع ..

أما رسول الله فقد كانت الرحمة تتقطر منه كالعسل من خلية النحل ، لين القلب ، قال تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} يرحم الأطفال ويعطف عليهم ويستمع لهم يداعبهم ويُقبّلهم، يوصي باليتيم والنساء، والمستضعفين والمعدمين.

ولا تقتصر الرحمة لديه على البشر؛ فها هي تشمل الرحمة بالحيوان والأحياء جميعًا.

فقد كان رسول الله ﷺ يحث على الذبح بآلة حادة كي لا يتألم الذبيح.

إن الرحمة تلين القلب وتطيبه، هي الدواء للمتألمين المثقلين، وتستقر الرحمة بالقلب بالاعتدال بكلّ شيء، فإذا كان ذلك قوي القلب واستقرت به الرحمة.

وإنّ القساوة من الفجور، فليحذر من يجدها في قلبه.

وليحرص كلّ الحرص على زرع الرحمة وذلك بذكر الله كثيراً فإن ذلك يلين القلب ويقويه، والتدرب على أعمال الرحمة ولو كان متكلفاً بها ولا تروق له، وليحرص على مصاحبة الرحماء، وأما الاعتدال فالمقصود منه عدم البذخ والاستغراق بالشهوات وعدم التكلف بالملذات، الاعتدال لا يقصّر في حقّ نفسه ولا يفيض.

قال رسولنا الكريم : {ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء } فمن يرحم يرحمه الله وما أحوجنا لرحمة الله تعالى في دنيانا وفي آخرتنا فننحن ننهض بعد منامنا برحمة الله، يستر الله علينا برحمته، يشافينا ويعافينا برحمة يغفر لنا ذنوبنا ويعفو عنا برحمة منه، ولن يدخل أحدنا الجنة بعمله إنما برحمة الله التي وسعت كلّ شيء قال تعالى {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٥٤﴾ }  فاذكروا الله كثيراً.

وأخيراً فلتعلموا أن الرحمة كالغيمة الممطرة لو حلت على قوم لأحيتهم، ولو أن الناس يرحمون بعضهم بعضـًا لساد في الأرض الخير واندحر الظُلم، فكونوا رحماء مع أنفسكم وغيركم جعلنا الله وإياكم ممن توغلت في قلوبهم الرحمة وممن يرحمهم الله.

إكرام خالد
#تحدي_الكتابة6
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة