الاختصار في الكلام من لوازم البلاغة، ومن مميزات اللغة العربية، وأما الإطالة دون حاجة، والترجمة الحَرفية من اللغات الأخرى، فتلكَ يقالُ لها "عرنجية" كما يحب أن يسميها أخونا الترجمان أحمد الغامدي، وهي نتاج الترجمة التي أفسدت في هذا الجانب أكثر مما أصلحت، لتنتج كلمات هي في الظاهر عربية، لكنها في الحقيقة ألفاظ أجنبية مُعربة، وكلمات مُستحدثة لا يقولها العرب، وإن قالوها فبقلّة، وفي ندرة.
على أن تلك الألفاظ لا تحكمها قاعدة مقننة، ولا شروط ثابتة، عند وسمها بالعرنجية، بل الأمر عائدٌ للذوق ابتداءً، ولمَلَكة تتكون مع التدريب والمراس، وكثرة القراءة في القرآن والسنة، وأحاديث السلف ومن تبعهم قبل شيوع الترجمة، وكذا في أدبنا وتراثنا الأصيل، وعلى ضوء ما سبق يحكم بعرنجية اللفظة أو عربيتها. ومن غريب القول – كما يذكر الغامدي – وقوع أئمة كبار، وعلماء أجلّاء، في فخ العرنجية – بقصدٍ أو دون قصد- وهم كثر، وقلما ينجو من عرنجية القرن أحد، وكاتب المقالة هذه أولهم!. والله المستعان.
العربي يذهب للاختصار في الألفاظ والتعابير، وفي الجمل والأساليب، وتلك هي البلاغة، التي يعرِّفها الجاحظ -رحمه الله- بأنها: إجاعة اللفظ وإشباع المعنى
ولا سبيل للتمييز بين العرنجية والعربية إلا بالملكة التي يُكوّنها المراس في الأمر- كما أسلفنا- ولكني أستطيع أن أضيف للقارئ ما يشبه الملاحظة، ليستعين بها في الفصل بينهما، وهي أن اللغة العربية تتميز بالاختصار غالبًا، وأيضًا لا تحتاج للمسمى الواحد أكثر من كلمة واحدة، فإن وجدتَ مسمىً بأكثر من كلمة فاحمله على أنه عرنجي؛ حتى يتبين لك خلاف ذلك!
فالعربي يذهب للاختصار في الألفاظ والتعابير، وفي الجمل والأساليب، وتلك هي البلاغة، التي يعرِّفها الجاحظ -رحمه الله- بأنها "إجاعة اللفظ وإشباع المعنى"، بخلاف العرنجية؛ فهي تطويل زائد، وألفاظ ميتة، وحشو متكرر، وتعابير فاسدة، لا تصف ماهية الأشياء، وتعجز عن الإبانة عن حقيقة الأمور.
وهنا أمثلة تبين لك مقصدنا.. حيث سترى العربي يسمي السفرة التي عليها طعام "مائدة" وإذا لم يكن عليها طعام فهي "خوان"، أما في العرنجية فيقال "سفرة طعام"، أو "سفرة بلا طعام" إن لم يوضع عليها الأكل! ويُسمّي الكأس الذي عليه عروة باسم "كوز" وإذا كان دون عروة قال له "كأس"، أما في العرنجية فيقال للتمييز بين الكوز والكأس "كأس مع عروة"، و"كأس دون عروة"، وإذا كان الجلد عليه صوف يقول له العربي "فرو"، وإذا لم يكن عليه صوف يُسمِّيه "جلد"، وأما العرنجية فتقول "جلد بفرو" و"جلد دون فرو"، والعربي يقول لبيت الخلاء "حمام" بكلمة واحدة، والعرنجية تسميه "دورة مياه".
وفيما سبق رأينا أن العربية تُميز الأشياء بكلمة واحدة، بينما العرنجية تذهب للحشو والتطويل للإبانة عن المراد، وما ذكرته لك هُنا قد لا تجده في أي كتاب، ولم يقل به أي مدون، بل هي ملاحظة خططتها لنفسي، وأزعم أني قد اختبرتها فكانت النتيجة محمودة، واليوم وقد نقلتها لك، فيلزم منك الاختبار، فإذا رأيت فيها الصواب ذكرتني بخيرٍ ودعوت لي، وإن أدركت خطأها وفسادها، فعفوك سابقٌ، والإعذار من خير شيمك، والله المستعان.
الاختصار في الكلام من لوازم البلاغة، ومن مميزات اللغة العربية، وأما الإطالة دون حاجة، والترجمة الحَرفية من اللغات الأخرى، فتلكَ يقالُ لها "عرنجية" كما يحب أن يسميها أخونا الترجمان أحمد الغامدي، وهي نتاج الترجمة التي أفسدت في هذا الجانب أكثر مما أصلحت، لتنتج كلمات هي في الظاهر عربية، لكنها في الحقيقة ألفاظ أجنبية مُعربة، وكلمات مُستحدثة لا يقولها العرب، وإن قالوها فبقلّة، وفي ندرة.
على أن تلك الألفاظ لا تحكمها قاعدة مقننة، ولا شروط ثابتة، عند وسمها بالعرنجية، بل الأمر عائدٌ للذوق ابتداءً، ولمَلَكة تتكون مع التدريب والمراس، وكثرة القراءة في القرآن والسنة، وأحاديث السلف ومن تبعهم قبل شيوع الترجمة، وكذا في أدبنا وتراثنا الأصيل، وعلى ضوء ما سبق يحكم بعرنجية اللفظة أو عربيتها. ومن غريب القول – كما يذكر الغامدي – وقوع أئمة كبار، وعلماء أجلّاء، في فخ العرنجية – بقصدٍ أو دون قصد- وهم كثر، وقلما ينجو من عرنجية القرن أحد، وكاتب المقالة هذه أولهم!. والله المستعان.
العربي يذهب للاختصار في الألفاظ والتعابير، وفي الجمل والأساليب، وتلك هي البلاغة، التي يعرِّفها الجاحظ -رحمه الله- بأنها: إجاعة اللفظ وإشباع المعنى
ولا سبيل للتمييز بين العرنجية والعربية إلا بالملكة التي يُكوّنها المراس في الأمر- كما أسلفنا- ولكني أستطيع أن أضيف للقارئ ما يشبه الملاحظة، ليستعين بها في الفصل بينهما، وهي أن اللغة العربية تتميز بالاختصار غالبًا، وأيضًا لا تحتاج للمسمى الواحد أكثر من كلمة واحدة، فإن وجدتَ مسمىً بأكثر من كلمة فاحمله على أنه عرنجي؛ حتى يتبين لك خلاف ذلك!
فالعربي يذهب للاختصار في الألفاظ والتعابير، وفي الجمل والأساليب، وتلك هي البلاغة، التي يعرِّفها الجاحظ -رحمه الله- بأنها "إجاعة اللفظ وإشباع المعنى"، بخلاف العرنجية؛ فهي تطويل زائد، وألفاظ ميتة، وحشو متكرر، وتعابير فاسدة، لا تصف ماهية الأشياء، وتعجز عن الإبانة عن حقيقة الأمور.
وهنا أمثلة تبين لك مقصدنا.. حيث سترى العربي يسمي السفرة التي عليها طعام "مائدة" وإذا لم يكن عليها طعام فهي "خوان"، أما في العرنجية فيقال "سفرة طعام"، أو "سفرة بلا طعام" إن لم يوضع عليها الأكل! ويُسمّي الكأس الذي عليه عروة باسم "كوز" وإذا كان دون عروة قال له "كأس"، أما في العرنجية فيقال للتمييز بين الكوز والكأس "كأس مع عروة"، و"كأس دون عروة"، وإذا كان الجلد عليه صوف يقول له العربي "فرو"، وإذا لم يكن عليه صوف يُسمِّيه "جلد"، وأما العرنجية فتقول "جلد بفرو" و"جلد دون فرو"، والعربي يقول لبيت الخلاء "حمام" بكلمة واحدة، والعرنجية تسميه "دورة مياه".
وفيما سبق رأينا أن العربية تُميز الأشياء بكلمة واحدة، بينما العرنجية تذهب للحشو والتطويل للإبانة عن المراد، وما ذكرته لك هُنا قد لا تجده في أي كتاب، ولم يقل به أي مدون، بل هي ملاحظة خططتها لنفسي، وأزعم أني قد اختبرتها فكانت النتيجة محمودة، واليوم وقد نقلتها لك، فيلزم منك الاختبار، فإذا رأيت فيها الصواب ذكرتني بخيرٍ ودعوت لي، وإن أدركت خطأها وفسادها، فعفوك سابقٌ، والإعذار من خير شيمك، والله المستعان.
جميع الحقوق محفوظة لموقع الجزيرة
إرسال تعليق