مراجعة كتاب #تحقيق_الوصال_بين_القلب_والقرآن
لـ مجدي الهلالي.
- يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة الوعظ والرقائق الذي خص بها الكاتب "كتاب الله" -عز وجل- في سعيه لإحداث تغيير من واقع تعاملنا مع القرآن الكريم. وهذه الكتب تتميز بسلطتها الكبيرة على القلب، وأثرها البالغ في النفس، ولقد قرأت له من قبل كتابه الآخر "حطّم صنمك" هذا الكتاب الذي حطّم صنمي وخلَّفه صريعًا، وأحسب ذلك والحمد لله.
- وفي رحلتنا هذه عن ماذا أحدّث حقيقة، وعن أي رحلة أتحدث؟ إنها رحلة شريفة مباركة في رحاب الله -جل جلاله- وكلامه المبارك، وأي جمال ذلك الذي يكون برفقة كتاب الله! تأشيرة عبور إلى السماء السابعة، ودورة جادة فيها؛ تعلمنا كيف التعامل مع كتاب الله قراءةً وتدبرًا وتفاعلًا وتطبيقًا، ومنه أدركنا تقصيرنا، وتعرفنا عليه. كانت رحلة طيبة مباركة بدايةً وانتهاءً.
- ومما استوعبته من الكتاب: أن الإيمان بالله هي فطرة، فُطر الناس عليها أولًا وآخرًا، وإن الحيد عنها هو الشواذ، وهو العارض، لذلك فإن الإنسان معلّق قلبه بعالم الغيب، وعنده الاستعداد لأن يكون مؤمنًا، وإن خلوه من ذلك يبقي في القلب فراغًا! وحاجة من النقص دائمة!
- يقول الكاتب "إن فصيلة دم الأمة هي الإيمان" لذلك أقول إنه متى ما استبدلناها غزتنا الأمراض والأسقام، والضعف والهزل، والهوان والذل، إن الأمة بخير ما اعتنت بفصيلتها، وما صانتها.
- وإنني أجد نفسي موقناً بصعوبة الجمع بين الاستماع للأغاني والقرآن الكريم، وإن وجد ذلك! فإنني ما وجدت حقيقية من جمع النقيضين وارتاح باله، كون قراءة القرآن مراتب ودرجات، وإن من درجاته أن يصل بك ليتفرد بقلبك فلا يخالطة بذلك أحد، لذلك فإن الجمع الصعب تحقيقه هو جمع تدبر القرآن والالتزام به؛ مع استمرار الاستماع للأغاني، كون من مقتضيات الالتزام، العمل بكل ما جاء به القرآن، ومنه قول تعالى وتعاظم "ومِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ" وذهب أغلب المفسرين بأن المقصود بها الأغاني، فأنَّا له الجمع بينهم بعد هذا!
- يقول الكاتب إنه لا يتوجب قطع قراءة القرٱن بالبحث عن التفسير والمعاني، فإن ذلك مما يذهب الروحانية ويفقد لذه الخشوع، ورأي -إن كان لي رأي- أن الكاتب قد جانب الصواب هنا، حيث أرى أن من الضرورة بداية فهم القرآن واستيعابه والإحاطة به، ثم الدخول في القراءة المرتلة التي تطمئن القلب وتذللَه، إن تحريك القلب مناطٌ بفهم المقصود من آيات الله.
- إن من واجب الناس تعليم الناس؛ قرآن ربهم جل وعلا، وذلك لن يتم دون تعليم الناس الشعر العربي الفصيح قديمه وحديثه، بل إنني أذهب لما ذهب إليه البعض بالقول: إن منع الناس من الشعر هو بالأصل منعهم من فهم كتاب ربهم، كون فهمنا للشعر العربي الفصيح سيبصرنا بالفرق بينه وبين كتاب الله، وبه ندرك العلو الذي خص به القرآن، من بلاغة وبيان وفصاحة وتناسب اللفظ مع المعنى، حيث كثيرًا ما نجد هذا غائب ومفقود في أبلغ الشعر العربي!
استفدت من الكتاب أن من واجبنا تعليم الناس اللغة العربية الفصيحة وتلقينهم إيها، وتحبيبها لهم، وترغيبهم بها، تزامنًا مع تلاوتهم للقرآن وحفظهم له، فإن ذلك مما يزيد من محبتهم للقرآن، ويعينهم على إدراك بلاغته وبيانه وسر إعجازه.
- و بعد ذلك من اللازم التوسع في التفسير والشرح والتبيين للقرآن، وقد ذهب بعضهم إلى إقران التفسير بالقرآن، لاسيما في زماننا هذا حيث اللغة العربية مغيبة عن الناس وما عادوا يعرفونها، وأصبحت غريبة عنهم منكرة لذلك؛ أرى أن قراءة القرآن مع "التفسير" أمر ملزم، لمن هذا حاله.
- التوغل بالاهتمام بالجانب المادي؛ على حساب الجانب المعنوي، والاعتناء بمتطلبات الإنسان الجسمانية؛ على حساب المتطلبات الروحية، لهو من أهم الأسباب التي شاركت في صنع واقعنا هذا، وإن العلاج كل العلاج في التوازن بين متطلبات عالم الغيب، ومتطلبات عالم الشهادة ما بين الروح والجسد، وإدراك حقيقة وغاية وجودنا، ومن ثم تنمية الجانب الروحي وتقويته، ومراجعة الحال والتبصر في المال وتفهم الواقع والسعى لتغييره ما أمكن، برؤية حقيقية صادقة وبما أتيح لنا، واستعياب حقيقة الدنيا الفانية، ودورنا فيها.
- ختامًا الكتاب هذا جدًا عظيم، بأثره البالغ، وفائدته المباركة، فأنصحكم بقراءته، وأوصي به كثيرًا وأعطيه 5/5. وإلى لقاء جديد ومراجعة أخرى.
- ص.ع
#مراجعات_اليقظة
#تحدي_القراءة_الواعية3.