حول النقد وأهميته (1)
- منذر الخراساني.
للنقد والمراجعات أهمية بالغة في إصلاح الاعوجاجات وتعديل الانحرافات التي تعتور طريق الأمم في سيرها الطويل ، لذلك فإنه يلزم وجود شريحة -من أرباب الفكر والقلم- تمتلك الأدوات المنهجية وتتوفر على المعرفة الواسعة لممارسة ذلك النوع من الحقول المعرفية ، وقد ارتأيت أن أكتب سلسلة حلقات عن النقد ، لإدراك خطورته وتحفيز "الحس النقدي" لدى القارئ ، حتى تتكون لديه توعية عامة به .
إن النقدَ مرحلةٌ مهمة لا غنى عنها للتقييم والتقويم المتزامن أو اللاحق للوقائع والأحداث والأفكار ، عندئذ نكون بإزاء بلسم لعلاج الخلل ومصل لما يستشرف مستقبلاً ...
أما إذا اتجه الكاتب للإسراف النقدي الذي يكبر الأخطاء بمجهر النظرات القاتمة ، ثم يحكم بتعميمات وخلاصات كلية مثل :
(شعوبنا العربية جاهلة ، سنظل فوضويين ، أبناؤنا فاشلون ، فلان ضال مضل ، هذا المذهب باطل ... ) ، فلا يحقق طائل ذي بال من طريقته تلك .
إن الناقد المسرف يفتقد للموضوعية والنسبية ، فينقلب إلى جلّاد للذات ، وناقم على ما حواليه ، وهذا ينبئ عن عدم تصالحه مع نفسه ، إضافة إلى أنه يشيع اليأس والإحباط بين أفراد المجتمع .
الاكتفاء بالنقد اللاذع الذي يقتصر على تكبير السلبيات والتشنيع عليها دون ذكر البدائل والخيارات الإيجابية ، إن ذلك يميت أو يجفف العلاقة مع الشيئ المنقود ويفقد لذة الاستمتاع والاستئناس والتواصل معه أو ترقيته .
وعلى ما تقدم ، فإن النقد المُسْرِف هو السّرَفُ المنقود.
إرسال تعليق