««الناس على دين ملوكهم»
لـ صلاح العياشي.
هذه المقولة تشير إلى حالة اجتماعية متكررة في التأريخ، فطبقات المجتمع الدنيا -باستثناء العلماء الربانيين وقبلهم الأنبياء- أكثر تأثراً من غيرهم بالملوك وحاشيتهم، وذلك بسبب الجهل وضيق المعرفة ولأنهم الأكثرية فيقال عليهم الشعب، و بذلك تكون هذه الطبقة وما فوقها (ما يسمونها الطبقة المثقفة) وهي حاشية الملك؛ بمثابة الوسائل و الأدوات التي يتكئون عليها في دفع عملية التغيير لصالحهم.
- فبما عندهم من سلطان وقوة؛ ووسائل وإمكانيات إعلامية جبارة، فإنهم الأقدر على خلق تغيير مجتمعي واسع، حيث تمكنهم تلك الوسائل من صناعة الواقع الجديد؛ ولو كان ذلك على حساب تحريف الحقيقةِ وتحقيق الباطل؛ والعكس من ذلك، فتصبح الناس على دين ملوكها!.
والتأريخ يذكر شيئًا من هذا:" فإن عمر رضي الله عنه لما نظر إلى الغنائم التي أتى بها المجاهدون من (فارس) قال: إن قوماً أدووا هذا لأمناء. فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنك عففت فعفت رعيتك، ولو رتعت لرتعت" ، وكما قال أبو بكر رضي الله عنه لتلك الأمرة التي سألت عن بقاء الصلاح في هذه الأمة، فقال لها «بقاؤكم عَلَيْهِ مَا استقامت بِهِ أئمتكم». فالسلطان بمثابة القلب في الجسد إن صلح صلحت الأمة، وإن فسد فسدت الأمة.
- وفي كتاب الله؛ نجد إن الضعفاء يوم القيامة في بالغ الحسرة والندامة؛ بسبب اتباعهم كبرائهم وسادتهم، ((وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعًا فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار)) [غافر].
- وذلك لأن الناس مهما أوتوا من القوة والمال فإنهم ضعفاء أمام السلطان، وإن تبعيتهم تنبع من ضعفهم، وهنا نجد التفسير الموضوعي لمقولة «الناس على دين ملوكهم».
- صفوة القول أن التغيير مع حالة السلطان الظالم، مكلفٌ جدًا، وثمنه باهظ ومفعوله لا يتأتى على الأمد القريب في الغالب، ليحتاج إلى خطة واعية ونواة صلبة ورجال أشداء ينطلق منها ومعها ليحقق مبتغاه.
إرسال تعليق