الاغتراب عن الهوية
الاغتراب الفكري هو التيهُ عن مكمن الذات وما يسمو بها من ثقافة وإرث حضاري...ينتُج ذلك عن ذوبان الهوية وهجرتها إلى ثقافة مغايرة لامتداد هويتها التي انسلخت منها .
ليس من المعيب أن نستفيد ونقتبس من غيرنا لتوسيع وتجديد ما لدينا، ولكن ما ينبغي التنويه إليه أن الاستمرار على ذلكم الاقتباس يجعل الهوية تتبدل متجهة نحو التيه والاغتراب عن ذاتها، ذلك أن المكث دون ظعن في ثقافة أخرى يستلب منك كيانك الثقافي الذي شكّل وجودك الفكري، فالأخذُ الذي ليس معه عطاءٌ لا يكون إلا تقليدًا، والتشبه الذي ليس معه استقلال لا يكون إلا إعتقالًا.
ولنكون على بينة مما تحدثنا عنه آنفًا فإن هناك هويات يتحدد بها الإنسان، ذَكَرَها المفكر عبدالوهاب المسيري في ثنايا كتبه منها:
أ- الهوية الصماء: وهي هوية صلبة تنطلق من قاعدة متينة لا تقتلعها عاتيات الرياح ولديها قدرة على غربلة الراكد وتقويمه ونقد الوافد وتقييمه، ذلك أنها تتولد من "النظر إلى الذات بعين الذات، والنظر للغير بعين الذات أيضاً" كما يقول المسيري رحمه الله .
ب- الهوية اللينة: أما هذه فتكبو حينًا وتزهو حينًا آخر بسبب رضوخها في استقبال ما لدى الآخرين دون تمحيص، إذ تتولد من "النظر إلى الذات بعين الغير، والنظر للغير بعين الذات"
ج- أما الهوية الثالثة فهي "التائهة": التي فقدت زمام الثقة بما لديها، فتاهت في أودية الآخرين، وهذا ما يجعلها مائعة لا تثبت على قرار،
والسبب في هذا أنها تُنتَج من "النظر إلى الذات بعين الغير، والنظر للغير بعين الغير كذلك"
مُنذِر الخرَاساني
إرسال تعليق