-
اتبَع السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا.
فَضائِلُ رحمةِ اللّٰه بعبادهِ كثيرة، ومدارك عفوه لمن تعدّى على حقِّ عبادةِ اللّٰه في الذّنب بنفسهِ ولمن جَنى على قلبه خرابًا، وألحقَ بروحه فسادًا كثيرة أيضًا، مَنَّ اللّٰه على عباده بأن خطّ لهم طريقًا للعودة، أبان لهم سُبل الوصول، وألهمهم الرّشاد للاستدلال، لا تخبط، ولا حيرة، ولا وقوف دون وجهة، دائمًا الأبوابُ مفتوحة، والوجهةُ معلومة، والمَنافذُ مُشرّعة قويمة، مَتى أذنبت، وأسرفت في حقّ نفسك، وعِثّ في نفسك خرابها اتبع النّهج القُرآني، والنّبوي، فأمّا القُرآني في قولهِ تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} تذكّر هذهِ القَاعِدة، متى بعدت عُد، وإذا أذنبت تُب، وإذا قصّرت زد، لا تأخذك ظنونًا باستحالة العودة، تذكّر أنّك عبدٌ لله، وألزِم نفسك بالإنابةِ إليه، لا تستمر في غيّك وتيهك، أنتهِ عن لهوك، وتناهى عن زهوك، ولا تُبارز بمعصيتك على مالك ناصيتك.
أمّا النّهج النبويّ في حديثه ﷺ "اتَّقِ اللهَ حيثُ كنتَ وأتبِعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُهَا وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ" هكذا ببساطة، اتبع السيئة الحسنة تمحها، زاحم سيئاتك بالطّاعات، وواجه هوى نفسك جهادًا مُقامًا فيك، استغفر كثيرًا، ألح بالدعاء، تصدّق، تقرب للّه بكلّ طريقة اتيحت لك.
قال تعالى في سورة العنكبوت: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}، بالإضافة لمجاهدة أعداء الله ومجاهدة الشَّيطان تأتي أيضًا مُجاهدة النّفس بأهوائها، المُجاهدة بالتّوبة الدّائمة، مهما تكرر الذّنب؛ فمتى كان ضميرك يقظًا، كان ظاهرك نيرًا، وسيهديك اللّٰه بفضلِ جهادك سبيله الّذي يُعيدك لطهرك.
ومن هُنا وجب على الإنسان جهادًا لكل نزعةٍ ونزغة، وقطعِ كل سبل وصوله بما يُرضي هواه؛ إن كان مخالفًا لدينه، (وأتبِعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُهَا) فيه ما يكفي من شروط الانتهاج للعودة المُستمرة خِفافًا من ثقل كل ذنب كان عاقبةً للذة هوى.
إرسال تعليق