الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الله تعالى يفضّل من خلقه ما يشاء ويختار كما قال سبحانه: ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾ [القصص: 68].
وقد فضل الله تعالى من البشر الأنبياء والرسل وفضل من الرسل ألي العزم منهم وفضل من أولي العزم من الرسل الخليلين، محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وفضل من الخليلين نبينا صلى الله عليه وسلم، وفضل من الأمكنة مكة أم القرى، وفضل بعض الأزمنة، ففضل من الليالي ليالي العشر الأخيرة من رمضان، ومن الأيام أيام عشر ذي الحجة، وحديثنا هنا عن فضل العشر الأولى من ذي الحجة، فهي من أفضل مواسم الطاعات التي أكرمنا الله تعالى بها فإن العمل فيها أفضل وأحب إلى الله تعالى من العمل في غيرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ)) رواه أبو داوود وصححه الألباني.
وفيما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ».
قال ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري": والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى"، عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل؟ فأجاب: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.
أيها الأحبة في الله:
إنها أفضل أيام الدنيا فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أفضل أيام الدنيا العشر – يعني: عشر ذي الحجة. قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفر وجهه بالتراب... الحديث. "صحيح الترغيب والترهيب" للألباني.
وفي قوله تعالى: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2]، قال ابن كثير رحمه الله:
الليالي العشر: المراد بها عشر ذي الحجة. كما قاله ابن عباس، وابن الزبير،…
والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين، وهو من السنن المهجورة التي ينبغي إحياؤها في هذه الأيام المباركات.
ويسن إظهار التكبير المطلق من أول يوم من أيام ذي الحجة في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق وغيرها، يجهر به الرجال، وتسر به النساء، إعلاناً بتعظيم الله تعالى، ويستمر إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق.
وأما التكبير الخاص المقيد بأدبار الصلوات المفروضة، فيبدأ من فجر يوم عرفة ويستمر حتى عصر آخر يوم من أيام التشريق، لقوله عليه الصلاة والسلام “أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله.
فالموفق من جدَّ واجتهد واغتنم هذه المواسم الفاضلة بطاعة ربه ولم تشغله الدنيا وشهواتها الفانية.
قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].
وفقنا الله وإياكم لطاعته وجعلنا وإياكم من المسارعين في الخيرات وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
إرسال تعليق